ويحك يا نفس أما تنظرين إلى أهل القبور ، كانوا كثيرا وجمعوا كثيرا فأصبح جمعهم بوراً وبنيانهم قبوراً وأملهم غروراً ؟!!
ويحك يا نفس إن القبر بيتك ، والتراب فراشك ، والدود أنيسك ، والموت موعدك
فأنت إلى دار تقبل عليها أقرب من دار تبتعد عنها
فها هى الأيام تمر والأشهر تجرى وراءها تسحب معها السنين ، وتجر خلفها الأعمار وتطوى حياة جيل بعد جيل
ومن نفيس ما قاله لقمان الحكيم لولده : أى بنى إنك من يوم أن نزلت إلى الدنيا قد استدبرت الدنيا واستقبلت الآخرة !!
فأنت إلى دار تقبل عليها أقرب من دار تبتعد عنها .
فالمؤمن الصادق هو الذى يحاسب نفسه على كل شىء . يتهم نفسه بالتقصير ولا يرى للنفس فضلا ولا خيراً إلا برحمة الله له .
حاسب نفسك الآن وقل لها ... يا نفس إن العمر هو بضاعتى فإن ضاع العمر فقد ضاع رأس المال .
يا نفس لقد أمهلنى الله هذا اليوم الذى أحياه وأعيش فيه الآن .
فتوهمى يا نفس أنك قد طلبت الرجعة من الله وأعادك الله جلّ وعلا فلا تضيعى هذا اليوم واعملى صالحاً
قبل أن تقولى كما جاء فى كتاب الله : (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْت) [المؤمنون:99-100]
فيأتى الجواب "كلا" قال تعالى : (كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون: 100]
ويحك يا نفس !! إن كنت قد تجرأت على معصية الله مع علمك أن الله يراك فما أقل حياءك من الله .
يا نفس هل أذعنت لشرع الله وحده
يا نفس هل حرصت على بر الوالدين . يا نفس هل صدقت الوعد ووفيت العهد !!
يا نفس هل أعطيت من حرمك ووصلت من قطعك . وعفوت عن من ظلمك !!
يا نفس هل أحسنت إلى الجيران ؟ هل أحسنت إلى الناس فى كل مكان
ويحك يا نفس إلى متى تعصين وعلى الله تتجرأين ؟!
ويحك يا نفس أما تخافين من عذاب القبر وأيامه .. أما تخافين من الحساب ودقته .. أما تخافين من الصراط وحدته !!
ويحك يا نفس وحاسبى قبل أن تحاسبى ...